إعادة نعمة البصر للنساء والفتيات
ثمة فجوةٌ بين الجنسين تؤثر في كلّ جانبٍ من جوانب حياة النساء حول العالم، حيث يعانين على أصعدةٍ كثيرة منها التعليم والتمثيل السياسي وفرص التوظيف والتفاوت في الأجور وحتى سلامتهنّ الجسدية. لكنّ هناك جانباً لا يعرف عنه الكثير، ألا وهو صحة العين. إذ أن 55 بالمئة على الأقل من فاقدي البصر حول العالم نساء ومعظمهنّ يعِشن في بلدان ذات دخلٍ منخفض ومتوسط. كما أن احتمال إصابة النساء بفقدان البصر أو ضعفه أكثر بمعدل 1.3 مرة مقارنةً بالرجال، والأسوأ من هذا أن حالات العمى أو ضعف البصر عند تسعةٍ من أصل كل عشر نساء حالاتٌ يمكن الوقاية منها أو علاجها بكلّ سهولة. بالتالي يزيد عدد النساء اللواتي يعانين من فقدان البصر بسبب الساد والتراخوما وغيرها من الأمراض العينية.
وهنا تتنوع الأسباب. إذ لا تعتبر صحة النساء ببساطة من الأولويات بالنسبة لكثيرٍ من العائلات، وتحديداً إن كانت المشاكل الصحية لا تُهدّد حياتهن. كما يصعب على بعض النساء السفر لتلقي العلاج نظراً لمسؤولياتهن الأسرية، في حين أن ضعف تعليم بعضهن الآخر يجعلهن غير مدركاتٍ للمساعدة التي يمكن لهنّ الحصول عليها. هذا وينتشر في بعض المجتمعات إحساسٌ بالعار إزاء الإعاقات بكافة أشكالها، حتى البصرية. ففي باكستان على سبيل المثال، غالباً ما تخشى النساء أن يَنظُر إليهنّ المجتمع على أنّهُن عالةٌ على أُسرهِن، حيث يشعرن بالخجل والعار من كونهن فاقداتٍ للبصر وبالتالي لا يسعين إلى طلب العلاج. تصاب النساء بالتراخوما أكثر من الرجال، ويشكلن في واقع الأمر 75 في المئة من مجمل الإصابات المـُشَخّصة. إذ تعدّ التراخوما السبب الرئيسي لالتهابات العين في العالم، كما أن هذا المرض ينتقل في الغالب عن طريق الأطفال الصغار. وبما أن النساء يبقين على الأرجح في البيت للعناية بالصغار، فهُنّ أكثر عرضة من الرجال للإصابة المتكررة. وحتى لو لم تكن الفتيات والنساء مصاباتٍ بشكل مباشر بمشاكل في العين، إلا أنهنّ أكثر تضرراً بالعمى على نحو غير متكافئ، حيث أن عبء العناية بأقاربهن فاقدي البصر يقع في الأغلب على عاتقهن. وكثيراً ما تضطر الفتيات إلى ترك مقاعد الدراسة نهائياً للاعتناء بأقاربهن البالغين الذين فقدوا بصرهم. وفي هذه الحلقة المعيبة التي ينتقل فيها الفقر من جيلٍ إلى جيل، لا تكون الفتيات قادرات على ارتياد المدرسة وبالتالي يكبرن وهن يفتقرن إلى التعليم والمهارات، فيكون الفقر مصيرهن.
نعلم أن لِضَعفِ وفقدانِ الرؤية انعكاساتٍ واسعةَ النطاق لا تتوقف عند النساء، بل تتجاوزهن إلى عائلاتهن وتعيق تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة. فنحن إذ نعيد للنساء بصرهن لا نُحسّن حياتهن بفحسب بل نحقق فوائد اقتصادية مباشرة، حيث نسمح لهن بالعودة إلى مقاعد الدراسة أو الانخراط في القوى العاملة. ولهذا تضع المؤسسة النساءَ والفتيات في صميم برامجنا وخدماتنا وشراكاتنا وجهود التوعية العالمية التي نقودها.
وفيما يلي بعضٌ من الإستراتيجيات التي نعتمدها للحدّ من فقدان البصر بين النساء: 1. البرامج المركزة نقدّمُ خدمات صحة العيون في مصانع الملبوسات في بنغلاديش وفييتنام وللعاملات في الزراعة والصناعات المنزلية في باكستان، إذ توفر هذه البرامج المستهدفة خدمات رعاية عينية عالية الجودة لآلاف النساء، فتسمح لهن بمواصلة عملهن وإعالة أسرهن ومجتمعاتهن. 2. التدريب نعمل على تدريب النساء كي يصبحن طبيبات عيون وعاملاتٍ في الرعاية الصحية ومُتخصّصاتٍ في صحة العين. فرؤية وجه امرأة في قطاع الرعاية الصحية من أفضل السبل طويلة الأمد لتشجيع النساء على زيارة المستشفيات وعيادات العيون. 3. تأمين الخدمات نحرص على توفير عمليات جراحة العيون لعددٍ أكبر من النساء اللواتي هن بحاجةٍ ماسةٍ إليها، حيث نُؤَمّن خدمات النقل المجانية إلى المرافق الصحية كي نحدّ من العوائق الجغرافية والمصروفات التي يتعين عليهن تحملها بأنفسهن. 4. نطاق الخدمات تصل خدماتنا المجتمعية إلى النساء في القرى النائية التي يضعف فيها تشخيص أمراض العين وعلاجها إلى حدٍّ هائل. 5. الأمهات نعمل على إدخال خدمات صحة العين إلى مرافق الأمومة والصحة الإنجابية كي تخضع النساء الحوامل لفحوص التحرّي الخاصة بصحة العين التي لا يحصلن عليها بانتظام.
وفي هذا الإطار، اطلقت مؤسسة فريد هولوز مبادرةً لتصير رائدةً في خدمات رعاية العين ميسورة الكلفة والتي يسهل على النساء والفتيات الحصول عليها. إذ أننا نصبو إلى تمكين النساء بالتركيز على حاسة البصر ووضع حدّ للتميز بين الرجال والنساء على مستوى صحة العين. مبادرتنا الجديدة اسمها "إنّها تَرَى" وهي تعبّر عن التزام المؤسسة بالتصدي للفروقات بين الجنسين على مستوى فقدان البصر من منطلق أنه قضيةٌ صحية عالمية رئيسية. فالنساء أكثر عرضة للعمى من الرجال بمعدل 1.3 مرة. ولهذا تسعى مبادرة "إنّها تَرَى" إلى تضييق هذه الهوّة. فقد كان فريد هولوز مؤمناً بأن حاسة البصر حاسةٌ تستحق الإنقاذ لجميع الناس. ولا يزال التزامه بالقضاء على العمى الذي يمكن تجنّبه ممتداً إلى يومنا هذا من خلال عمل المؤسسة التي توفر خدمات ميسورة الكلفة في مجال رعاية صحة العيون لمن هم بأمسّ الحاجة إليها. تحمل مبادرة "إنّها تَرَى" إرث فريد كي تضمن حصول كلّ امرأةٍ على الفرصة ذاتها في تأمين رعايةٍ عالية الجودة وميسورة الكلفة في مجال صحة العيون. إن كنتم ترغبون بمعرفة المزيد من المعلومات، ندعوكم إلى قراءة تقرير ’إعادة حاسة البصر للنساء‘ الذي يتناول العوامل التي تؤثر على النساء وقضية فقدان الرؤية.